المعلقة القرآنية- تتمة
المعلقة القرآنية
تتمة
!هجرة بهجرة
*
رِجالي قَيَّدُوني في سَلاسِلِ جَهْلِهِمْ
فَصِرْتُ كَأَنَّني مِنْ جَهْلِهِمْ مُتَجَمِّدُ
تَحَرَّكَ كُلُّ ما في الكَوْنِ يَنْشُدُ عِزَّتي
و هُمْ يَسْتَمْرِئُونَ الذُّلَّ، فيهِ تَوَحَّدُوا
إذا صَهَلَتْ خُيُولي في مَضارِبِ حَيِّهِمْ
تَداعَتْ لِلفِرارِ خُيُولُهُمْ و تَمَرَّدُوا
و إنْ قُلْتُ اسْتَفيقُوا و انْهَضُوا كَيْ تُفْلِحُوا
تَمادَوْا في الوَلاءِ لِمَنْ لِفَضْلي يَجْحَدُ
و ما فَهِمُوا خِطابي و هْوَ أَوْضَحُ ما رَأَتْ
عُيُونٌ بِالبَصيرَةِ لِلحَقيقَةِ تَرْصُدُ
فَصارَتْ تُهْمَتي أَنِّ صَنَعْتُ تَطَرُّفاً
و عُنْفاً لِلنُّفُوسِ بِسَيْفِ حِقْدِه يَحْصُدُ
ظُلِمْتُ و ما ظَلَمْتُ، و ضاعَ حَقّي عِنْدَهُمْ
و كُلُّ حُقُوقِهِمْ عِنْدي تُصانُ و تُرْفَدُ
أنا المَهْجُورُ في داري، المُضَيَّعُ بَيْنَهُمْ
و هُمْ في غَفْلَةٍ عَمَّا يَكيدُ الحُسَّدُ
لَقَدْ أَبْلَوْا جَديدي و اسْتَباحُوا حُرْمَتي
و قَدْ هَدَمُوا الّذي أَبْني لَهُمْ و أُشَيِّدُ
كَما هَجَرُوا سَأَهْجُرُهُمْ أَنا أيْضاً إِلَى
بِلادٍ حُرَّةٍ بِهِدايَتي تَسْتَرْشِدُ
غَداً سَيَرَوْنَني في غُرْبَتي مُتَنَعِّماً
بَعيدَ الغَوْرِ أَنْشُرُ حِكْمَتي و أُوَطِّدُ
*
فَطُوبى لِلغَريبِ إذا تَمَسَّكَ بِالهُدى
فَغُرْبَتُهُ مُقامٌ في النَّعيمِ مُخَلَّدُ
و ما خَذَلَ الكَريمَ سِوى تَجاهُلِ أَهْلِهِ
لِما تُعْطي و تُنْفِقُ مِنْ خَزائِنِهِ اليَدُ
فَيا أَهْلي، هُنا في الشَّرْقِ، عَزَّ وَداعُكُمْ
و لكِنّي صَرَخْتُ و لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنْجِدُ
جَفَوْتُمْني جَفاءَ مُقاطِعٍ مُتَعَنِّتٍ
كَأَنّي لَمْ أَكُنْ في نَبْضِكُمْ أَتَرَدَّدُ
و كَمْ فَجَّرْتُ مِنْ فَجْرٍ بِلَيْلٍ حالِكٍ
و كُنْتُ إذا جَفَوْتُمْ دائِماً أَتَوَدَّدُ
فَلا لَوْمٌ عَلَيَّ إذا أَنا هاجَرْتُكُمْ
إلَى قَوْمٍ كِرامٍ بابُهُمْ لا تُوصَدُ
هُناكَ بِحَوْمَةِ الأَقْصى، هُناكَ عَرَفْتُهُمْ
عَلَى حُبّي و مِنْ أَجْلي، هُناكَ تَجَنَّدوا
سَتَنْكَشِفُ الغُيُومُ غَداً و يَسْطَعُ نَجْمُهُمْ
و يَنْدَمُ كُلُّ مَنْ جاروا عَلَيَّ و أَفْسَدوا
و تَسْعَدُ بي قُلُوبٌ كانَ يَجْرِفُها الهَوى
إلَى طَمَعٍ بِهِ النَّفْسُ الأَبِيَّةُ تَزْهَدُ
فَلا عَجَبٌ إذا ما الأَعْجَمِيُّ أَشادَ بي
و مِنْ أَجْلي رَأَيْتُهُ في المَعارِكِ يَصْمّدُ
و لا عَجَبٌ إذا الأَعْرابُ شَتَّتَ شَمْلَهُمْ
هَوى الدُّنْيا و لَمْ يَجْمَعْ شَتاتَهُ مَسْجِدُ
فَكَمْ مِنْ ساجِدٍ في القَلْبِ حِقْدُهُ جاثِمٌ
كَمَنْ هُوَ عابِدٌ صَنَماً لأَجْلِهِ يَسْجُدُ
و مَنْ صانَ البَيانَ و لَمْ يَزِغْ عَنْ نَهْجِهِ
سِوى الأَعْرابِ لَمّا سادَ فيهِمْ أَحْمَدُ
فَيا قَوْمي إلَى رَبّي اشْتَكَيْتُ جَفاءَكُمْ
و قلْبي في هَواكُمْ كَالسَّجينِ مُقَيَّدُ
وَأَدْتُمْ في ظَلامِ الجَهْلِ بَهْجَةَ مَوْلِدي
و قَدْ أَحْيَيْتُكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتٍ، فاشْهَدوا
بِأَنّي ما أَزالُ بِحُبِّكُمْ هَيْمانَ لَمْ
أَخُنْ لِلحُبِّ عَهْداً بِالوَفاءِ سَيَشْهَدُ
سَأَرْحَلُ مُرْغَماً عَنْ حَيِّكُمْ فَتَذَكَّرُوا
إذا ما غِبْتُ، أَنَّ العَوْدَ في الغَدِ أَحْمَدُ
***
خادم القرآن الحكيم
شاعر السلام الإسلامي
جلول دكداك
***
إنتقل لقراءة هذه المعلقة في موقعنا: عرس الحرف